الأربعاء، 17 يونيو 2015

تقرير الندوة الوطنية "العدالة العقارية في ضل الوضعية العقارية الراهنة - مقاربة تشريعية قضائية -"




نظمت جامعة عبد المالك السعدي باسم ماستر الدراسات العقارية و بتنسيق من الدكتور مرزوق آيت الحاج يوم السبت 13 يونيو 2015 ندوة وطنية حول موضوع العدالة العقارية - مقاربة تشريعية قضائية -  بمشاركة العديد  من الفقهاء والأساتذة الجامعيين والقضاة والمستشارين والأطر العليا بالمحافظة العقارية، كما عرفت هاته  الندوة مشاركة وازنة لجميع الأطر و الفاعلين و المهتمين بالشأن العقاري، و ذلك لمناقشة هذا المجال الذي يكتسي أهمية بالغة في تحريك عجلة التنمية و تحقيق الاستقرار الاقتصادي و السياسي ، إلا أنه بالرغم من أهمية هذا القطاع و المجهودات التشريعية المبذولة  للرقي بالأنظمة العقارية بقي الوعاء العقاري المغربي يعاني من مشاكل متعددة بسبب الأنظمة العقارية المتعاقبة عليه مما أسفر عن عدم توحيد الهيكلة العقارية، حيث أن العدالة العقارية تحتاج لوقفة تأمل لمقاربة جميع النصوص من أجل الوصول لبناء مجتمعي في الوقت الراهن، و أبرز ما تم مناقشته في الندوة هو المقاربة التشريعية و العدالة العقارية في ضل الوضعية العقارية الراهنة، و ذلك للوقوف على مختلف الإشكاليات المرتبطة بالعقار و الخروج بتوصيات هدفها الوصول للعدالة العقارية وفق إستراتيجية تستحضر إكراهات الواقع و رهانات المستقبل بهدف تكسيير مختلف الحواجز التي تعيق تأهيل الحقل العقاري لتجاوز أزمة العلاقة القائمة بين العقار و المجتمع و متطلبات التنمية الشاملة و ذلك وفق محورين أساسيين كان أولهما الحديث عن الوضعية العقارية الراهنة -مقاربة تشريعية- أما المحور الثاني تطرق فيه المتدخلون لمناقشة العدالة العقارية في ضل الوضعية العقارية الراهنة.

  و انطلقت أشغال الندوة  بكلمة الدكتور الفاضل مرزوق آيت الحاج منسق ماستر الدراسات العقارية و منسق الندوة الذي رحب بالحضور وبجميع الضيوف من أساتذة و فاعلين و مهتمين بالميدان العقاري، و ذكر بأهمية العقار في الحياة الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية، ليعطي بعد ذلك الكلمة للدكتور حذيفة أمزيان رئيس  جامعة عبد المالك السعدي الذي تحدث عن أهمية العقار و قيمته باعتباره يشكل ثروة كبيرة، كما تناول الإشكاليات التي تطرحها النصوص القانونية المنظمة له و المشاكل التي يتخبط فيها، و أكد في كلمته على أن ميدان العقار يعتبر من اكبر الميادين التي تعشش فيها المضاربات و مظاهر الفساد و استغلال السلطة.

وقد أكد الدكتور محمد يحيا عميد كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية بطنجة في مداخلته على أهمية الندوة نظرا لارتباط موضوعها بالجانب الاستثماري و التنموي، حيث أن المنظومة العقارية ببلادنا  تعرف مجموعة من  الإشكاليات على المستوى التشريعي و التطبيقي، و هو ما جعل القضاء يلعب دورا  مهما  في  محاولة معالجتها في ظل وجود مجموعة من الثغرات القانونية. كما تطرق إلى الوضعية العقارية قبل الاستقلال و ربطها بوضعية العقار الحالي مقدما بعض النماذج المتعلقة بإشكاليات نزع الملكية.

 في حين اعتبر فؤاد العماري عمدة مدينة طنجة في كلمته أن جل  المشاكل  المرتبطة بالعقار لا بد أن يوجد لها حل من طرف المختصين و المهتمين بالمجال العقاري،  و انتقل  بعد ذلك للحديث عن ضرورة ملائمة النصوص المنظمة للعقار للدستور المغربي الذي يقدس حق الملكية، و الإشكال المطروح هو أنه لا النصوص القانونية تواكب التطورات الحاصلة و لا للاجتهادات القضائية تأتي بحلول جذرية للنزاعات التي تثقل كاهل القضاء. حيث أن طول مدة التقاضي في النزاعات العقارية يجعل من هذا الأمر في حد ذاته عائقا في طريق استقطاب الاستثمارات، و اختتم كلمته بالتعبير عن ثقته في  مساهمة جميع الفاعلين  في  الميدان القانوني  من أساتذة و ممارسين في اقتراح الحلول المناسبة لحل هذه المشاكل من اجل تحقيق العدالة العقارية في الميدان العقاري.
و خصص حسن فتوح رئيس قسم التوثيق كلمته للحديث عن وضعية العقار في ضوء  ظهير التحفيظ العقاري مبرزا من خلاله مشكل الاختصاص بين المحافظ العقاري و قاضي التحفيظ بخصوص النزاعات المتعلقة بالتعرضات على مطلب  التحفيظ و البت فيها من طرف قاضي  التحفيظ  و اختصاص المحافظ بالتنفيذ إضافة إلى الاختلاف الحاصل  حول إشكالية الطعن في  قرارات المحافظ العقاري و الجهة المختصة في البت، و الإشكالية التي  يطرحها  الفصل  3 من ظهير  التحفيظ العقاري .
و استعرض ممثل الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بطنجة، المسار التاريخي لوضعية العقارات بالمغرب و مختلف القواعد التي تم وضعها من أجل مواكبة التطور الذي يعرفه هذا المجال مثل مشروع الإصلاح الزراعي و قانون 14.07 و قانون 39.08 و غيرها  من القوانين، غير أن هذه المجهودات لم تفلح في تفادي فشل المخططات العقارية و ضعف  فاعليتها في  تلبية الاحتياجات المتزايدة و المطلوبة من أجل النهوض بالتنمية الاقتصادية و الاجتماعية للبلاد، كما أن الأمن العقاري يتطلب تضافر و توفر مجموعة من العوامل التي  يمكن أن تساهم في  تحقيق الطموحات و الغايات المتوخاة من أجل النجاح في  توفير  الأمن العقاري، ومن بينها إيجاد حل للتصرفات العقارية المشوبة بسوء النص مثل التعرضات الكيدية إضافة إلى ضرورة مأسسة المعاملات المرتبطة بالعقار و خلق انسجام و توافق بين الفاعلين في المجال و وضع استراتيجيات تستهدف إلى تحسين الوضعية العقارية بالمغرب . 

الدكتور عبد اللطيف البغيل رئيس شعبة القانون الخاص بكلية الحقوق بطنجة، قام في  معرض  كلمته بإبراز أهمية العقار و ضرورة تحقيق العدالة العقارية. كما ذكر بتعدد أنواع العقارات الموجودة بالمغرب و التي تعرقل مسار التنمية، و في الأخير عبر عن ثقته في مساهمة كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية في تحسين الوضعية العقارية و إعطاء الحلول في سبيل تحقيق العدالة العقارية.

و دعا الدكتور مرزوق أيت الحاج، المشاركين إلى اعتماد حلول توافقية، تستحضر في معالجتها المقاربة الحقوقية المبنية على الإنصاف والمساواة، خاصة  فيما يتعلق بعقارات الدولة، وعقارات الجماعات السلالية،  التي طال أمد النزاع بشأنها، في اتجاه وضع عقاري أكثر استقرار، فضلا عن دعوة الجهات الساهرة على تدبير أملاك الدولة المخزنية والغابوية وأملاك الجماعات السلالية إلى إعداد دلائل تفيد في ملكيتها للأراضي التي تشرف عليها.

و قد تضمن برنامج النذوة كذلك مداخلات للعديد من الدكاترة و فقهاء القانون من بينهم الدكتور محمد خيري أستاذ جامعي و محام بهيئة الدار البيضاء، و الدكتور محمد بنيعيش مستشار بمحكمة النقض، و الدكتور نور الدين لعرج أستاذ بكلية الحقوق بطنجة، و الدكتور محمد الخضراوي رئيس المكتب الفني بمحكمة النقض، و الدكتور عمر أزكاغ محام بهيئة الدار البيضاء و أستاذ زائر بكلية الحقوق بطنجة، إضافة إلى العديد من الأساتذة الجامعيين و الممارسين.

و على العموم  فقد لقيت ندوة العدالة العقارية حضورا  لافت للنظر من طلبة جامعة عبد المالك السعدي بطنجة ومهتمين و فاعلين في الشأن العقاري  من مدينة طنجة و من عدة مدن أخرى .

0 التعليقات:

إرسال تعليق